3‏/4‏/2011

القذافي "أديبا" ...وبكل لغات الأرض!


"المرأة تجوع وتعطش، كما يجوع الرجل ويعطش. والمرأة تحيا وتموت كما يحيا الرجل ويموت. ولكن لماذا رجل ولماذا امرأة؟" – هكذا يتساءل معمر القذافي في كتابه الأخضر الذي وضعه عام 1975 عارضاً فيه أفكاره حول "فلسفة الحكم". كان القذافي يعتبر "عمله الفكري" كتاباً مقدساً يضم كل ما تحتاجه البشرية، الآن وفي المستقبل. غير أن من يطالع الكتاب لا يجد به أكثر من مقولات فارغة تشرح الماء بعد الجهد بالماء. ومن ذلك شرحه للفارق بين الرجل والمرأة، حيث يتساءل القذافي: "لماذا لم يُخلق رجال فقط؟ ولماذا لم يُخلق نساء فقط؟ وما الفرق بين الرجال والنساء، أي بين الرجل والمرأة؟ لماذا الخليقة اقتضت خلق رجل وامرأة؟"
على كل هذه الأسئلة العويصة يجيب "المفكر الليبي المُلهم" كما يلي: "هناك فرق طبيعي بين الرجل والمرأة، والدليل عليه وجود رجل وامرأة بالخليقة. وهذا يعني طبعاً وجود دور لكل واحد منهما يختلف وفقا لاختلاف كل واحد منهما عن الآخر." ولعل المؤلف شعر بأن فكرته ما زالت غامضة، لذلك أضاف شارحاً: "المرأة أنثى، والرجل ذكر. والمرأة طبقا لذلك - يقول طبيب أمراض النساء - تحيض أو تمرض كل شهر، والرجل لا يحيض، لكونه ذكرا فهو لا يمرض شهريا "بالعادة"."

القذافي قاصاً
 "رؤية" القذافي للعالم في كتاب ألماني  لم يكتف الزعيم الليبي بكتابه الأخضر، فأعقبه بمجموعة قصصية لعل عنوانها هو الأطول في تاريخ الأدب: "القرية القرية .. الأرض الأرض .. وانتحار رائد الفضاء"، وهو عنوان يبرز حبه للتكرار الذي تجلى في خطبه الأخيرة التي أضحت شهيرة، مثل "بيت بيت، زنقة زنقة". بعد هذه المجموعة القصصية صدر للقذافي كتاب آخر لا يقل عنوانه طرافة: "تحيا دولة الحقراء".
عقب نشر هذه الكتب نشرت مئات الدراسات النقدية احتفاءً بكتابات "قائد الثورة الليبية"، بل وترجمت إلى عدد لا يحصى من اللغات. ويتذكر الشاعر اللبناني عبده وازن في مقالة له زيارته لليبيا للمشاركة في ندوة حول أدب المرأة العربية، وحصوله على ثلاثة مجلدات ضخمة تضم منتخبات مما كتب عن "أدب القذافي". وضمت المجلدات زهاء مائة بحث أو دراسة كتبتها أقلام بعضها مشهورة، وتدور كلها حول قصص القذافي التي وصفت بالتجديد والفرادة والإبداع.
قد يقول المرء إن "حملة المباخر" هؤلاء كانوا من الخائفين من "الأخ العقيد" أو من المستفيدين منه أو الطامعين في أمواله. ولكن لماذا ترجمت أعمال القذافي "الأدبية" و"الفكرية" إلى كافة لغات الأرض؟ هذا السؤال طرحته دويتشه فيله على ميشائيل فارين، صاحب دار نشر "بيلفيل" في ميونيخ التي نشرت أعمال القذافي الثلاثة باللغة الألمانية، ففسر انجذابه إلى أعمال القذافي بقوله: "اشتعلت شرارة اهتمامي بكتابات القذافي عندما سمعت العنوان الغريب للغاية لأحد أعماله، وهو "القرية القرية .. الأرض الأرض .. وانتحار رائد الفضاء". هذا العنوان سحرني ودفعني للإطلاع على محتوى الكتاب. وعندما قرأته وجدته كتاباً مثيراً ومنوعاً."

أعمال "طريفة" لكنها لا تجذب القراء
غلاف كتاب "الأرض .. الأرض"  ويضيف الناشر أن هدفه الأساسي كان الإطلاع على فكر رجل لا يظهر في وسائل الإعلام إلا كشخصية تثير الأنظار والانتباه لفرط شذوذها. ولذلك سعى إلى الحصول على حقوق الترجمة من الدار الفرنسية التي نشرت أعمال القذافي، وعن الفرنسية تمت الترجمة إلى الألمانية. نُشرت الترجمة الألمانية لمجموعة القذافي القصصية عام 2004، وطُبع منها 1000 نسخة لا غير، وهو رقم هزيل بالنسبة لسوق الكتاب الألماني. ويضيف ميشائيل فارين أن هذه النسخ "لم تنفد بعد" رغم مرور نحو سبع سنوات على صدور الكتاب. ولكن من هو قارئ أعمال القذافي في المنطقة الألمانية؟ صاحب دار "بيلفيل" لا يعرف إجابة دقيقة على هذا السؤال: "من الصعب جدا أن أحكم على ذلك، لأني لست على علاقة مباشرة بالقراء. أنا في الحقيقة لا أنشر إلا ما يثير اهتمامي الشخصي، وهو ما حدث مع كتاب القذافي."
الطرافة والغرابة هما إذن ما جذبا الناشر الألماني إلى كتابات "قائد الثورة الليبية". وربما يكون الفارق بين كتابات القذافي العربية والألمانية يكمن في أن صدورها في ميونيخ تم في صمت، وهي كتابات لم تجد من يشتريها أو يوزعها مجاناً، أو من يكيل لها المديح والتقريظ. وربما لولا الحرب الأهلية في ليبيا لما اهتم أحد في ألمانيا بالبحث عن دار نشر كتاب "القرية القرية .. الأرض الأرض .. وانتحار رائد الفضاء".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...