محمد عواد –
الفيسبوك، ذلك الموقع الذي ما إن دق الأبواب وشاهد أعداء حرية الرأي إمكانية
التعبير فيه حتى كتبوا المؤلفات والنظريات حوله مختلقين كل القصص ليجعلوه شيطاناً،
فقامت بعض الأيادي المرتجفة بإغلاقه في بعض البلاد، في حين تقوم أيادٍ مرتجفة أخرى
بإغلاق ما تنتقيه منه وكأنها لم تعرف بعد بأن زمان العبيد انتهى، وأنه زمن مختلف
جداً يستطيع به الفرد الواحد إيصال رسالته لمئات الألاف.
تلك المقدمة الثورية لا علاقة لها بالموضوع لكنني استخدمتها لأنني أريد التحدث عن ناحية ثورية أخرى أشاهدها وأؤمن بحدوثها بسبب هذا الموقع الأزرق، فالفيسبوك يطور كثيراً من شخصيتنا وطريقة تفكيرنا وطريقة عملنا في هذه الحياة، البداية كانت مع رؤيتي نهجاً واضحاً بإخبار الأعضاء بعضهم البعض عن إضافات مناسبة في بعض الصفحات، فبدلاً من الأسلوب القديم بنسخ الرابط وإرساله للشخص المعني، باتت عملية الاستدعاء برمز @ وحروف أولى من الاسم كافية في تعليق على تلك الإضافة، وهذا ما يمكن وصفه بتطوير طريقة تفكيرنا بفاعلية أعلى.
أمور أخرى يطورها فينا الفيسبوك ونحن لا نشعر، فنحن اعتدنا على اختيار الطريقة التي تناسبنا في الحياة لكن التغييرات الكثيرة التي يحدثها هذا الموقع تجبرنا على التأقلم، فالفيسبوك قد يكون أكثر موقع يثور الناس فيه ضد أي تغيير ثم يهدأون بل يبدعون مستفيدين من الأجواء الجديدة، هذا التعامل مع التغيير وقبوله والتعايش معه أمر مهم في تطوير شخصية الإنسان.
نقطة أخرى لاحظتها أثناء تنمية بعض الصفحات التي راقبتها تنمو منذ كان فيها عضواً واحداً فقط هو أنا، فسعينا لجعل الصفحة الأكبر يخلق فينا نظاماً والتزاماً ويخلق فينا ابداعا لجذب الناس إليها، كما أن انتظار نمو الصفحة يعلمنا الصبر، ويجعلنا نفكر في المستقبل القريب ونبحث دوماً عن الجديد، كل هذا لأننا كمن يملك دولة يبحث عن ازدهارها.
إضافة إلى مساحة الحوار المتاحة، وإضافة إلى كم المعرفة التي يمكن التزود بها ومتابعة كل جديد، وإضافة إلى التعرف على من يشبهوننا في هذا العالم بطريقة التفكير والمساندين لنا، فإن الفيسبوك حقاً يستطيع تغيير شيء فينا بشكل إيجابي وجداً.
البعض قد يسأل كيف وهذا عالم وهمي؟
الجواب هو من وحي عالم الإدمان ومن وحي عالم العادات التي نكتسبها، إن الدماغ لا يميز متى وأين تقوم بهذه الأمور، فنحن نقضي عدداً لا بأس به من الساعات يومياً على الفيسبوك، وبالتالي فإن الطباع التي نكتسبها منه تنعكس على دماغنا، فيكون التغيير من طريقة عمل الدماغ ومن منهجيته فنصبح في حياتنا العادية أكثر تأثراً به، فنكتسب عادة الصبر والهدوء والفاعلية والمرونة ونحن لا نشعر بذلك في البدايات... وأعتقد أن بعضنا بات يرى تأثير الفيسبوك عليه بشكل إيجابي وتطوير شخصيته الآن بعد سنوات من معايشته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق