معاقبة حكومة بشار الأسد بعد اتهامها باستخدام أسلحة كيماوية ضد الشعب السوري وردعها عن إعادة استخدامها هو الهدف المعلن الذي تصدر واجهة مبررات الحملة الغربية لتوجيه ضربة إلى سوريا، لكن العمليات العسكرية دائما ما يكون لها مردود ينعش اقتصاد البلاد التي تقوم بها.
"الحرب الأبدية هي أحد أعمدة الاقتصاد الأميركي"، كما يقول الخبير الاقتصادي الأميركي كريس ماير.
"الولايات المتحدة تنفق على مؤسستها العسكرية أكثر من الدول الأربع عشرة الأكثر إنفاقا على الجيش في العالم مجتمعة، وتنفق 6 أضعاف ما تنفقه الصين التي تليها مباشرة في ترتيب الدول الأكثر إنفاقا على الجيش"، طبقا للإحصائيات الرسمية التي يستند عليها ماير.
ويذكر ماير بأن "الولايات المتحدة تستحوذ على 45 بالمئة من الإنفاق العسكري في العالم، وهي تضمن أمن 28 دولة ولها 600 قاعدة عسكرية خارج أراضيها حول العالم".
"الإنفاق العسكري يمثل 20 بالمئة على الأقل من ميزانية الولايات المتحدة، هذا دون حساب ما تمثله امتيازات المحاربين القدامى".
"طبقا لعدة إحصائيات فإن القطاع الخاص الأميركي يعتمد على التمويل العسكري بنسبة 60 بالمئة من عمليات البحث والتنمية التي لها أهمية قصوى في عمل هذا القطاع".
ويؤكد الخبير "مع المال يأتي النفوذ، ولهذا السبب ستحدث الحرب لا محالة حتى يستمر تدفق الأموال، وعندما يفرغون من مبررات الحرب في الخارج، سيروجون لها لدى الشعوب في الداخل عن طريق إقناعهم بضرورة الحصول على مستلزمات الأمن كالطائرات بدون طيار وأجهزة المراقبة وفرق مكافحة الإرهاب وغيرها".
ويذكر ماير بأن مقولة "اقتصاد الحرب الأبدية" يعود إلى الحرب العالمية الثانية وأن نهاية الحرب الباردة بين واشنطن والاتحاد السوفيتي لم تؤد إلى تفكيك آلة الحرب، ولكن دفعت إلى إيجاد أعداء جدد وقضايا جديدة تتمثل اليوم في "الحرب على الإرهاب التي لا يمكن أن يربح فيها أي طرف، والتي توجد سببا للمزيد من الإنفاق العسكري لأعوام كثيرة قادمة".
ويشير ماير إلى أن الاقتصاد الأميركي بحاجة إلى إنعاش، خصوصا أن "نسبة النمو كانت في انخفاض خلال الأشهر القليلة الماضية، إذ نما الناتج القومي بالكاد بنسبة 1،4 بالمئة في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي مقارنة بنسبة 2,5 بالمئة في نفس الفترة عام 2012".
ومن جهته يرى الصحفي الأميركي كريس مايلز، المتخصص في لالاقتصاد، أن "أهم دليل على أن الحرب على سوريا قادمة هو القفزة التي حققتها أسهم شركة رايثون فور إعلان حملة أوباما، فقد حققت أعلى معدلاتها في 52 أسبوعا".
"رايثون هي الشركة المنتجة لصاروخ توماهوك السلاح المفضل لأوباما عند توجيه أي ضربة لسوريا" حسب ما يؤكد مايلز.
ويشير إلى أن "قيمة أسهم شركة رايثون قفزت خلال الشهرين الماضيين تزامنا مع أكبر حملة استعداد للحرب تشهدها الولايات المتحدة منذ الضربة التي وجهت إلى ليبيا لإسقاط القذافي عام 2011".
ويشير إلى أن رايثون، التي يعمل بها 73 ألف شخص، هي أكبر مصنع في العالم للصواريخ الموجهة.
"حققت الشركة عام 2010 مبيعات قيمتها 23 مليار دولار من منتجاتها العسكرية".
على المدى الطويل، سيكون من الضروري إعادة إعمار سوريا بعد الدمار الذي لحق ببنيتها التحتية، وهو ما يمثل عقودا وصفقات ستسعى واشنطن دون جدال لأن يكون لها نصيب الأسد فيها، بحجة أنها قادت العمليات التي أدت إلى إنهاء العنف في سوريا، على غرار ما حدث بعد غزوها للعراق وإسقاط الرئيس صدام حسين عام 2003.
وكانت المعارضة السورية، التي تساندها واشنطن ودول غربية أخرى، قد أعلنت قبل عدة أشهر أن سوريا ستحتاج إلى ما يزيد عن 60 مليار دولار من المساعدات الخارجية لإعادة بناء البلاد في حال سقوط بشار الأسد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق