يشكل الاعتراف بزواج مثليي الجنس في البرتغال والارجنتين الكاثوليكيتين مؤشرا جديدا الى علمنة المجتمع، وهي ظاهرة يصعب على الكنيسة ان تجد خطابا يتلاءم معها، مثلما تواجه صعوبة في التعامل مع مسألة التحرش الجنسي بالاطفال، حسبما يقول الخبراء في شؤون الفاتيكان والمؤرخون.
تظاهرة لجمعية مثليين امام كتدرائية الارجنتين المتروبولية في بوينوس ايرس (© اف ب - خوان مابروماتا) |
يرى ساندرو ماجستر، الخبير في شؤون الفاتيكان، في ذلك دليلا على "العولمة" مع "اندماج الانظمة السياسية الاوروبية وحتى تلك الموجودة في اميركا اللاتينية". والارجنتين هي "في طليعة هذه الظاهرة التي تطال الاوروغواي والبرازيل وتشيلي والمكسيك ايضا".
وبالنسبة الى المؤرخ البرتو ميلوني، فإن الجديد في الأمر هو ان هذه التطورات باتت تتعلق بخيارات خاصة لأنه "منذ الثورة الفرنسية، بدأت عملية علمنة تؤدي الى تحرر القوانين المدنية من الشرائع الاخلاقية الكنسية". ويضيف "في كل مرة كان ينظر الى ذلك من الخارج على انه فقدان لسلطة الكنيسة، ومن داخل الكنيسة كان يعتبر كارثة كبيرة".
ويؤكد جيانكارلو زيزولا، وهو مؤرخ ايضا، ان "ازمة سلطة الكنيسة الكاثوليكية لا تتوقف على نجاحها او عدم نجاحها في فرض شرائعها الاخلاقية او قناعاتها الدينية على الدول". ولا يظهر عدد الكاثوليكيين في العالم ان الكنيسة تخسر نفوذها، لأنه وفقا لاحصاءات الفاتيكان، فقد ارتفع عدد المعمدين بنسبة 11,55% بين عامي 2000 و2008، من 1,045 مليار الى 1,165 مليار، اي من 17,28% الى 17,40% من مجموع سكان الارض.
لكن مشكلة الكنيسة اليوم هي انها "تأخرت في اخذ تطور المجتمع بعين الاعتبار"، وفقا للبروفسور زيزولا. ويقول البروفسور ميلوني انها "تفقد صلتها بالاجيال الجديدة" مشيرا الى انه "للمرة الاولى منذ 700 عام، لم يعد الشبان يأملون أن يحظوا بحياة افضل من اهلهم، والكنيسة تتصرف وكأنه ليس لديها ما تقوله حول الموضوع".
يرى البروفسور زيزولا انه يتوجب على الكنيسة ان "تعيد النظر في خطابها الاخلاقي مع شباب اليوم لأنها أرست قواعد اخلاقية +بوليسية+ وجعلت من النشاط الجنسي كابوسا. الكارثة واضحة". وهو يقول ان الكهنة في شمال ايطاليا لم يعودوا يتطرقون حتى الى هذه القواعد الاخلاقية التي اصبحت "غير فعالة بالكامل". ويضيف برونو بارتوليني، الذي لا يفهم رفض الكنيسة للطلاق الذي يرى فيه حلا للكثيرين، "في بعض المجالات، تتخذ الكنيسة مواقف عفا عليها الزمن".
بالنسبة الى المؤرخين، فإن خطاب الكنيسة غير ملائم ايضا في مواجهة فضائح التحرش الجنسي بالاطفال التي تهزها منذ اشهر. واذا كان البابا "بعث رسالة مفادها ان الصرامة هي الحل لهذه المشكلة" لكن هذا المبدأ "يؤدي الى حائط مسدود" لأنه "لن يكون ابدا صارما بما يكفي في نظر الرأي العام الذي يطالب بحرق المذنبين" و"هذا يؤدي الى تقويض سلطة الكنيسة"، حسبما يقول البروفسور ميلوني.
اما زميله زيزولا فيقول انه حتى لو أمسك البابا "بزمام الادارة البابوية لمنعها من مواصلة سياستها التقليدية القائمة على الصمت والنفاق"، لا يزال يتوجب عليه اجراء "اصلاحات كبيرة" في الادارة البابوية لمنح الاساقفة سلطات اكبر في بلدانهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق