في مقابلة حصرية مع صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور”، كشف مهندس ايراني عن اسرار إلقاء القبض على طائرة بدون طيار أميركية، يشتبه في استخدامها لغرض التجسس، مشيراً إلى أن طهران استغلت ثغرة معروفة لخداع الطائرة من أجل الهبوط في الأراضي الايرانية.
ويقول المهندس الايراني إن “ايران وجهت الطائرة التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية وخدعتها للهبوط بشكل سليم داخل أراض معادية من خلال استغلال نقطة الضعف الملاحية المعروفة لدى الجيش الأميركي”.
وقد استطاع التقنيون الايرانيون، المتخصصون في مجال الحرب الالكترونية، قطع اتصال الطائرة من مع الولايات المتحدة ما أدى إلى سقوطها في الأراضي الايرانية، وتحاول الفرق الإيرانية من المدنيين والعسكريين حالياً الكشف عن أسرار الطائرة وقدراتها الاستخباراتية.
باستخدام المعرفة المستقاة من الطائرات بدون طيار الأميركية التي أُسقطت سابقاً، وتقنية خاصة يفخر بها العديد من القادة الإيرانيين، تمكن المتخصصون الايرانيون من إعادة تحديد المواقع والإحداثيات التي تتبعها الطائرة لجعلها تحط في ايران، باعتبار أنها القاعدة الفعلية المخصصة لهبوطها في أفغانستان.
ويقول المهندس الايراني إن “تحديد المواقع والملاحة هو النقطة الأضعف للطائرة”، مشيراً إلى أن ايران نصبت “كميناً الكترونياً” للطائرة الأميركية من خلال التشويش على اتصالاتها، وأجبرتها على الإنتقال إلى الملاحة الآلية، وعندها فقدت السيطرة على التنقل”.
“تقنية الخداع” التي استخدمها الايرانيون أخذت بعين الاعتبار الارتفاعات المحددة لعملية السقوط، فضلاً عن بيانات طولية وعرضية، ما جعل الطئرة تهبط من تلقاء نفسه في المكان الذي أرادوه، من دون الحاجة إلى كسر إشارات للتحكم عن بعد و الاتصالات مع مركز السيطرة الأميركية، كما يقول المهندس.
واستولت ايران على الطائرة الأكثر تطوراً في أميركا عبر الإستفادة من نقطة ضعف معروفة، وهي باستغلال نظام تحديد المواقع الذي يقوم بحسابة موقع وسرعة الأقمار الصناعية المتعددة.
وقال خبراء عسكريون إن السيناريو الذي وصفه المهندس الايراني يعتبر معقولاً، وقابلاً للتصديق والتنفيذ.
هذا ويعتبر الجنرال الاميركي السابق المتخصص في الحرب الالكترونية البحرية روبرت دينسمور أن “حتى أحدث أنواع التكنولوجيا التي تعتمد على نظام تحديد المواقع يمكن أن يتم التلاعب بها”، مضيفاً أنه من الممكن بالتأكيد” إعادة تقويم المعلومات لتحديد مسار الطائرة بدون طيار بحيث تطير في مسار مختلف”.
قدرات إيران الالكترونية المتنامية
إلى ذلك، يصف النواب الايرانيون عملية القبض على الطائرة بدون طيار الأميركية بـ “الملحمة العظيمة”، مشيرين إلى أنهم يتخذون الخطوات النهائية لفك الرمز السري الخاص بالطيارة لمعرفة أسرارها.
يشكك مسؤولون أميركيون في قدرات ايران بالتسبب بالعطل التقني الذي لحق بالطائرة، لكنهم غير قادرين على تفسير كيف أن إيران تمكنت من الحصول على الطائرة بشكل سليم من ون التسبب بأضرار كبيرة.
وسخر محلل أميركي من قدرات إيران التكنولوجية، فقال في مقابلة تلفزيونية إن حيازة الطائرة كانت بمثابة “إسقاط سيارة فيراري بواسطة ثور يجر عربة”.
لكن أحد المسؤولين الايرانيين الكبار، أكد أن ايران تملك المقومات اللازمة لإسقاط الطائرة، مضيفاً: “هناك الكثير من الموارد البشرية في ايران…. ايران ليست مثل باكستان”.
ووفقاً لمصدر في الاستخبارات الأوروبية، صعقت وكالات الاستخبارات الغربية من الخطوة الايرانية التي لم تحدث قبلاً خلال العامين الماضيين، عندما تمكنت من تخريب أحد الأقمار الصناعية للتجسس التابعة لوكالة المخابرات المركزي، بتوجيه إشعاعات اللايزر نحوه.
الولايات المتحدة تعلم نقاط ضعفها
أصبح استخدام الطائرات بدون طيار مسألة أكثر خطورة، في ظل حيازة الخصوم، مثل ايران، على تقنية الرد المضاد. كما أن الجيش الاميركي على بينة من وجود نقاط ضعف في طائرات التجسس التابعة له، منذ أن تمت قرصنة البيانات والجداول في بداية الحملة على البوسنة منتصف التسعينات.
وقال كبار المسؤولين في الولايات المتحدة في العام 2009 أنهم كانوا يعملون على تشفير جميع البيانات والجداول التابعة للطائرات بدون طيار في العراق وباكستان وأفغانستان، بعد العثور على أجهزة الكمبيوتر المحمولة التي تحتفظ بالعديد من المعلومات التي جمعها من العراق، معترفين بأنها كانت عرضة للاستغلال والتنصت.
وسعى الجيش الامريكي لسنوات لتحصين أو إيجاد بدائل لنظام تحديد المواقعGPS من الأقمار الصناعية، والتي تستخدم لاغراض عسكرية ومدنية. ففي العام 2003 ، نشر مختبر لوس ألاموس الوطني البحوث “تقييم التعرض” الذي شرح مدى ضعف هذا النظام، وسهولة اختراقه باستخدام إشارات محلية أكثر قوة.
واشارت الـ “ساينس مونيتور” إلى الجيش الاميركي لم يتوصل حتى اللحظة إلى معالجة نقطة الضعف التي تعاني منها طائرات التجسس، وتم تقديم ورقة في مؤتمر شيكاغو لأمن الاتصالات الذي عقد في اكتوبر تشرين الاول وضعت معايير لمقاومة عمليات الخداع التي الطائرات أو غيرها من الاهداف.
من أجل “التعامل بشكل أفضل مع هجمات إلكترونية معادية”، منح سلاح الجو الأميركي في أواخر سبتمبر عقدين بقيمة 47 مليون دولار لكا منهما، لتطوير “نظام دفاع للملاحة” بهدف استبدال نظام تحديد المواقع في الطائرات والصواريخ، وفقا لموقع تحديث الدفاع الاميركي.
لماذا تضرر بطن الطائرة؟
من خلال الاستيلاء على الطائرة بدون طيار الأميركية في منطقة قشمر، 140 كيلومتر شمال شرق ايران داخل الجمهورية الاسلامية، يبدو أن ايران استفادت من سنتين من المراقبة الدقيقة. فعرضت ايران الطائرة بدون طيار على التلفزيون الرسمي في الأسبوع الماضي، وقد ظهرت بعض الاضرار في الجناح الأيسر وعجلات الهبوط والجزء السفلي من الطائرة.
ومن جهته، يقول المهندس الايراني: “إذا نظرتم الى الموقع حيث قمنا بإسقاط الطائرة، والمكان الذي كان يفترض أن تهبط فيه، ستجدون أن الإرتفاع هو نفسه تقريباً. لكن كان هناك فارق بسيط ببضعة امتار أدى إلى إصابة الجزء السفلي من الطائرة ببعض الاضرار وهذا السبب في أنها كانت مغطاة في اللقطات التي تم بثها على التلفزيون”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق