10‏/11‏/2011

بوليفيا تحتفل ب"عيد الجماجم"


يؤدي آلاف البوليفيين سنويا طقوسا مروعة واحتفالية في آن واحد، فيخرجون جماجم بشرية كانوا قد احتفظوا بها بعناية طوال العام المنصرم إذ من شأنها أن تجلب الحظ لهم، ويعرضونها في الشوارع.

وتعتبر هذه الطقوس نسخة أكثر غرابة وأكثر وثنية ربما من يوم الأموات الذي تحتفل به بوليفيا قبل ثمانية أيام. ففي الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر، يخرج البوليفيون جماجم من منازلهم ويتنقلون بها من المقبرة إلى الكنيسة ويزينونها بالأوشحة والنظارات الشمسية وتويجيات الأزهار وورق الكوكا...

ويحمل هذا اليوم تسمية "يوم +نياتيتاس+" أي يوم الأنوف الصغيرة الفطساء (إشارة إلى غياب الأنف في الجمجمة) التي تعكس مبدأ المزج الديني البارز في الهضبة البوليفية تماما مثل كرنفال أورورو (غرب) المستوحى من الكاثوليكية ومن شيطان جبال الأنديز "سوباي".

وبحسب التقاليد الشعبية في جبال الأنديز، تؤمن الجماجم الحماية للعائلات والتجار وتجلب لهم الصحة والرفاه شريطة أن يدللوها ويتكلموا معها ويقدموا إليها الأزهار والمأكل والمشرب وحتى السجائر.

وتقول امرأة أربعينية أنيقة جدا تدعى لوسيا بينما تزور الكنيسة مع ولديها و... جماجمها الثلاث المزينة بسلاسل من الأزهار والموضوعة في علب غنية بالزينة خصيصا لهذه المناسبة، "إنها جزء من العائلة".

وتضيف ماريا المقتنعة بأن جماجمها تحمي منزلها ومتجرها من اللصوص "الأهم ألا تنقصها الأزهار".

ويشرح فيليكس ميندزوا وهو بروفسور في علم لاهوت الأنديز في جامعة تاوانتينسويو (لا باز) "تعود هذه التقاليد إلى ما قبل كولومبوس. فقبل وصول الاسبان (1492)، كانت العائلات الهندية تخرج بانتظام بقايا الأموات كي تتمكن الأرواح من الاتصال بالأجسام والعائلات".

وعلى الرغم من أن الكنيسة الكاثوليكية حظرت هذه الطقوس، استمر السكان الأصليون في تأديتها مكتفين بإخراج الجماجم سرا.

وتحمل كل جمجمة اسما خاصا بها وغالبا ما تعود إلى فرد من العائلة أو أحد الأقارب ولكن قد يكون مصدرها أحيانا مجهولا.

وبما أن الكنيسة ترفض هذه الممارسة من دون أن تشجبها صراحة، طلب المؤتمر الأسقفي من رجال الدين قبل سنتين "الامتناع عن تنظيم قداديس" لهذه الجماجم.

ويقول الأساقفة البوليفيون "ينبغي أن يدرك الناس أنه من غير الضروري ومن غير الملائم أن يحملوا بقايا بشرية مأخوذة من المقابر أو المعابد، وأنه يجب أن يدعوها ترقد بسلام".

ولكن نظرا إلى الحشود وعدد الجماجم التي تستقبلها المقبرة العامة في لاباز في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر من كل سنة، يبقى المؤتمر الأسقفي عاجزا عن وقف هذه الطقوس المترسخة بقوة والتي غالبا ما تقدم خلالها "قرابين" من السوائل إلى الجماجم في وقت متأخر من الليل.

ويرفض رجال الدين اعتبار هذه الطقوس نوعا من المزج الديني فيكتفون بالنظر إليها على أنها احتفال بسيط للعائلات والجماجم.

ويقول الأب خايميه فرنانديز المسؤول عن المقبرة العامة في لا باز "يمارسون ديانة تتكيف مع أهوائهم ويأخذون منها ما يناسبهم"، موجها انتقادا إلى الكنيسة بالقول "يعود السبب إلى أننا لم نحسن التبشير ونقل التعاليم الدينية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...